بعد أسابيع من التنشيف، تقليل السعرات، والالتزام الصارم، يبدأ الجسم بالتحوّل: الدهون تختفي تدريجيًا، والعضلات تبدأ بالظهور… ولكن، في كثير من الأحيان، يبدو الجسم “مسطّحًا”، والعضلات تفتقر للحجم والامتلاء، مما يترك شعورًا محبطًا لدى المتدرّب.
ثم تأتي لحظة الريفيد (Refeed): يوم أو يومان من رفع السعرات وتحديدًا الكربوهيدرات، وفجأة…
تتغيّر الصورة تمامًا: العضلات تمتلئ، الأوردة تظهر بوضوح، التحديد يصبح أقوى، وتشعر وكأنك تكتشف جسدك من جديد.
فما الذي يحدث فعلًا في هذه المرحلة؟
ولماذا يبدو الريفيد وكأنه “السحر الحقيقي” بعد التنشيف؟

ما هو الـ Refeed؟ ولماذا يُعتبر خطوة أساسية بعد التنشيف؟
الريفيد (Refeed) هو استراتيجية غذائية مؤقتة يُرفع فيها استهلاك الكربوهيدرات بشكل مدروس بعد فترة من التنشيف أو العجز الحراري الطويل.
في حين يظن البعض أنه مجرد “يوم غش”، إلا أن الريفيد يختلف تمامًا؛ فهو يهدف إلى تحقيق توازن فسيولوجي يساعد الجسم على:
- إعادة تعبئة مخازن الجليكوجين داخل العضلات (وهو المصدر الأساسي للطاقة)
- تحسين الأداء البدني بعد فترة طويلة من التعب والتراجع في القوة
- تنشيط الهرمونات المسؤولة عن الأيض، مثل اللبتين والتستوستيرون
- منع التباطؤ الأيضي الذي قد يرافق الحميات الطويلة
بعكس ما يعتقده البعض، فإن الريفيد لا يُفسد نتائج التنشيف، بل يعززها عند تنفيذه بشكل علمي، وقد يُحدث فرقًا بصريًا واضحًا خلال 24–48 ساعة فقط.
ذات صلة: ما هو يوم إعادة التغذية Refeed Day؟ وهل يساعدك فعلاً على حرق الدهون وتحسين نتائج الدايت؟
كيف تتغيّر عضلاتك فعليًا بعد أول Refeed ناجح؟
بعد أسابيع من العجز الحراري، تكون عضلاتك قد فرغت إلى حدّ كبير من الجليكوجين – وهو ما يفسّر المظهر “المسطّح” رغم قلة الدهون.
لكن بمجرد إدخال كمية مدروسة من الكربوهيدرات في الريفيد، يبدأ الجسم بتخزين الجليكوجين من جديد، وكل غرام واحد منه يُخزَّن في العضلات يرتبط تلقائيًا بـ 3 إلى 4 غرامات من الماء.
النتيجة؟
- العضلة تمتلئ وتنتفخ، وتُصبح أكثر صلابة ووضوحًا
- التحديد العضلي يتحسّن، لأن الجلد يُشد فوق عضلة ممتلئة بدلًا من عضلة فارغة
- الأوردة تبدأ بالظهور بوضوح، خاصة في الأكتاف والذراعين، بفضل تحسّن ضخ الدم
هذه التغييرات لا تعني أنك اكتسبت عضلات جديدة، بل أنها إعادة إبراز لما بنيته بالفعل خلال مراحل التضخيم والتنشيف، وهي لحظة يشعر فيها كثير من المتدربين بالرضا الحقيقي عن شكلهم لأول مرة.
هل الريفيد يوم مفتوح للأكل؟ أم يجب أن يكون محسوبًا؟
رغم أن الريفيد يمنحك مرونة أكبر من أيام التنشيف، إلا أنه ليس دعوة مفتوحة لتناول كل ما تشتهيه.
الفرق الجوهري بين الريفيد الذكي و”يوم الغش” هو التحكّم بالمصادر والكمية.
في الريفيد:
- تُرفع السعرات تدريجيًا وليس بشكل مفرط
- يتم التركيز على الكربوهيدرات النظيفة مثل: الشوفان، البطاطا، الأرز، الخبز الكامل
- يُحافَظ على نسبة دهون معتدلة، لتجنّب تخزين الدهون مجددًا
- يُستمر بالتمرين بتركيز عالٍ لاستغلال الطاقة الزائدة بشكل فعّال
أما العشوائية في تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات بدون حساب؟
فقد تُلغي فوائد الريفيد، وتُحدث انتفاخًا واحتباس سوائل غير مرغوب فيه، وربما تراجعًا في الشكل العام.
بالتالي، نجاح الريفيد لا يعتمد فقط على ما تأكله، بل على كيف تخطط له وتنظّمه.
كم تدوم فترة الريفيد؟ وهل هي مناسبة للجميع؟
مدة الريفيد تختلف من شخص لآخر، بناءً على عدة عوامل، منها:
- مدة التنشيف: كلما طالت فترة العجز الحراري، زادت حاجة الجسم لإعادة التوازن.
- مستوى الدهون الحالي: إذا كنت قريبًا جدًا من النسبة المنخفضة، فقد تحتاج أكثر من يوم.
- مستوى النشاط البدني: الرياضيون الأكثر نشاطًا وكتلة عضلية يحتاجون كميات كربوهيدرات أكبر.
بشكل عام، تتراوح مدة الريفيد من 1 إلى 5 أيام، وغالبًا ما يكفي يومان لمعظم المتدربين.
لكن المهم أن لا تعتمد على شعورك فقط، بل راقب جسمك:
هل الأداء في التمرين عاد لمستوى أقوى؟
هل شكلك تحسّن؟
هل تشعر بطاقة أعلى؟
إذا كانت الإجابات نعم، فقد حققت المطلوب.
متى يُنصح بتطبيق الريفيد؟
الريفيد لا يُنصح به لكل شخص على الدايت. هو مناسب أكثر لـ:
✅ من يمرّ بفترة تنشيف طويلة (4 أسابيع وأكثر)
✅ من وصلت نسبة دهونه لمستوى منخفض (تحت 12% للرجال، 20% للنساء)
✅ من يشعر بانخفاض حاد في الأداء، المزاج، أو حرارة الجسم
✅ من يعاني من ثبات في الوزن رغم الالتزام التام
أما من بدأ الدايت منذ أسبوع أو أسبوعين فقط؟
فالأفضل الانتظار، لأن الجسم لم يدخل بعد في المرحلة التي يستفيد فيها من الريفيد.
خاتمة
الريفيد ليس مجرد فترة “راحة من الدايت”، بل هو أداة استراتيجية تُمكّنك من استعادة الطاقة، تحسين الأداء، وإبراز نتائج شهور من العمل الجاد.
هو لحظة تكتشف فيها شكل جسدك الحقيقي، بعيدًا عن الإرهاق والفراغ العضلي، وتستعيد ثقتك بالرحلة التي قطعتها.
لكن لتنجح في تطبيقه، لا بد من التخطيط، المراقبة، والانضباط.
فحين يُستخدم بالشكل الصحيح، يصبح الريفيد نقطة تحوّل لا تُنسى في أي خطة تنشيف ناجحة.
جزء من شراكاتنا الإعلانية
أسئلة شائعة
● ما الفرق بين الريفيد ويوم الغش؟
الريفيد مخطّط ومدروس، يركّز على الكربوهيدرات بهدف إعادة تعبئة الجليكوجين وتحفيز الأيض، بينما يوم الغش عشوائي غالبًا ويحتوي كميات كبيرة من الدهون والسكر، مما قد يؤدي لنتائج عكسية.
● كم غرام كربوهيدرات أحتاج في يوم الريفيد؟
يُوصى عادةً بـ 3 إلى 5 غرام من الكربوهيدرات لكل كغ من وزن الجسم، لكن ذلك يعتمد على شدّة التنشيف ومعدل النشاط اليومي.
● هل يمكن أن أكتسب دهون خلال الريفيد؟
إذا تم تنفيذ الريفيد بشكل عشوائي ومفرط، نعم، لكن عند التخطيط الجيد والالتزام بالكميات الموصى بها، فإن زيادة الدهون تكون شبه معدومة.
● هل أحتاج إلى ممارسة الرياضة خلال أيام الريفيد؟
نعم، يُفضّل الاستمرار في التمارين خلال الريفيد، خاصة تمارين المقاومة، لأن الجسم يكون في حالة مثالية للاستفادة من الكربوهيدرات لبناء العضلات وتعزيز الأداء.
● كم مرة يجب أن أطبق الريفيد خلال التنشيف؟
قد يحتاج بعض الأشخاص إلى ريفيد كل 7–14 يومًا، بينما يحتاج الآخرون إليه مرة واحدة فقط خلال الدورة. يعتمد ذلك على استجابة الجسم ومدى انخفاض نسبة الدهون.
مصادر
- Helms, E., Aragon, A., & Fitschen, P. (2014).
Evidence-based recommendations for natural bodybuilding contest preparation: nutrition and supplementation.
Journal of the International Society of Sports Nutrition, 11(1), 20.
https://jissn.biomedcentral.com/articles/10.1186/1550-2783-11-20 - Trexler, E. T., Smith-Ryan, A. E., & Norton, L. E. (2014).
Metabolic adaptation to weight loss: implications for the athlete.
Journal of the International Society of Sports Nutrition, 11, 7.
https://doi.org/10.1186/1550-2783-11-7 - Hector, A. J., & Phillips, S. M. (2018).
Protein recommendations for weight loss in elite athletes: a focus on body composition and performance.
International Journal of Sport Nutrition and Exercise Metabolism, 28(2), 170–177.
https://doi.org/10.1123/ijsnem.2017-0273 - Schoenfeld, B. J., & Aragon, A. A. (2018).
How much protein can the body use in a single meal for muscle-building? Implications for daily protein distribution.
Journal of the International Society of Sports Nutrition, 15(1), 10.
https://jissn.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12970-018-0215-1 - Len Kravitz, PhD – University of New Mexico.
Glycogen and Exercise.
https://www.unm.edu/~lkravitz/Article%20folder/glycogenUNM.html
رياضي، مدوّن وصانع محتوى رياضي، أدرس حاليًا لأصبح أخصائي تغذية معتمد، وممارس للتمارين الرياضية منذ أكثر من 6 سنوات. خضت تجارب متعددة في عالم الرياضة، من الكيك بوكسينغ إلى الجري، والدراجة الهوائية، والباورلفتينغ، وصولًا إلى التمرين بالمقاومة الذي التزمت به دون انقطاع.
أسستُ منصة FitspotX بعد أن لاحظت كمية المعلومات المغلوطة المنتشرة في مجال الرياضة والتغذية، خاصةً ضمن المحتوى الكتابي. من هنا انطلقت رؤيتي لبناء منصّة متكاملة، تجمع بين الأدوات والمحتوى العلمي البسيط، لتساعدك على فهم التغذية بشكل أفضل، وتحقيق أهدافك الجسدية بثقة ومعرفة.