ربما لاحظت زيادة في الوزن، أو شعورًا بالثقل، أو حتى تورمًا خفيفًا في اليدين أو الوجه، رغم أنك لم تُفرط في الطعام ولم تُغيّر نظامك. ما السبب إذًا؟
قد يكون الجواب ببساطة: التوتر.
الكثير من الناس يعتقدون أن احتباس السوائل مرتبط فقط بالتغذية أو قلة الحركة، لكن الحقيقة أن العوامل النفسية، وخاصة التوتر والقلق، قد تكون سببًا خفيًا لا يخطر على البال.
في هذا المقال، سنشرح كيف يمكن للتوتر أن يؤثر على توازن السوائل في الجسم، ودور هرمون الكورتيزول في هذه العملية. إذا كنت تعتني بنفسك جيدًا ومع ذلك تشعر بالانتفاخ أو التورم، فقد يكون التوتر هو المتهم الأول.

ما هو احتباس السوائل؟
احتباس السوائل (أو ما يُعرف بـ “النفخة” أو “تورم الجسم”) هو تراكم غير طبيعي للماء داخل أنسجة الجسم.
عادةً، يقوم الجسم بتنظيم كمية السوائل بدقة، لكن في بعض الحالات يختل هذا التوازن، فيتجمّع الماء في أماكن مثل القدمين، اليدين، الوجه، أو حتى البطن.
السبب قد يكون عضويًا مثل مشاكل الكلى أو القلب، أو بسبب النظام الغذائي (كثرة الملح، قلة شرب الماء)، لكن هناك سبب مهم لا ينتبه له الكثيرون: الضغط النفسي والتوتر.
كيف يؤثر التوتر على احتباس السوائل؟
عند التعرّض للضغط النفسي، يُفرز الجسم هرمون يُدعى الكورتيزول، وهو جزء من استجابة الجسم الطبيعية للخطر.
لكن في حال استمرار التوتر لفترة طويلة، يبقى مستوى الكورتيزول مرتفعًا، مما يؤدي إلى سلسلة من التغيرات الفسيولوجية.
من أبرز هذه التغيرات أنّ الكورتيزول يعزز احتباس الصوديوم في الجسم، وهذا بدوره يُسبب احتباس الماء داخل الأنسجة.
بمعنى آخر، كلما طال أمد التوتر، زادت احتمالية تراكم السوائل في الجسم.
إضافة إلى ذلك، يؤثر التوتر على جودة النوم، ويُسهم في زيادة الالتهاب الداخلي، مما يدفع الجسم إلى الاحتفاظ بالماء وكأنه في حالة دفاع مستمرة.
ما هي علامات احتباس السوائل الناتج عن التوتر؟
عندما يحتبس الجسم السوائل بسبب التوتر، قد تظهر بعض العلامات المزعجة، منها:
- تورّم في اليدين أو القدمين أو الوجه، خاصة في الصباح أو بعد يوم مرهق.
- زيادة مفاجئة في الوزن بدون تغييرات واضحة في الطعام أو التمرين.
- شعور بالانتفاخ أو الثقل في الجسم، حتى دون تناول كميات كبيرة من الطعام.
- أثر واضح للجوارب أو الملابس على الجلد بسبب التورم.
- تباطؤ في خسارة الوزن رغم الالتزام بالنظام الغذائي.
هذه الأعراض قد لا تكون دائمة، لكنها تميل للظهور في فترات الضغط النفسي المرتفع، وتتحسن غالبًا مع الراحة والاسترخاء.
كيف تتعامل مع احتباس السوائل الناتج عن التوتر؟
لحسن الحظ، هناك خطوات بسيطة وفعّالة يمكن أن تساعدك في التخفيف من احتباس السوائل المرتبط بالتوتر:
- إدارة التوتر بذكاء
مارس تمارين الاسترخاء مثل التنفس العميق، أو جرّب المشي، أو حتى التأمل. هذه الوسائل تساعد على خفض الكورتيزول وتحسين توازن السوائل في الجسم. - احرص على شرب الماء
قد يبدو غريبًا، لكن شرب كمية كافية من الماء يساعد الجسم على التخلّص من السوائل المحتبسة، بدلًا من التمسك بها. - قلل من تناول الصوديوم
التوتر والكورتيزول يزيدان من احتباس الصوديوم، لذلك من الأفضل تقليل تناول الأطعمة المالحة والمعلبة. - نم جيدًا
النوم الجيد ضروري لإعادة ضبط الهرمونات وتحسين وظائف الكلى، ما يقلل من التورّم. - نشّط دورتك الدموية
الحركة اليومية أو التمارين الخفيفة تحفّز الدورة الدموية وتمنع تراكم السوائل في الأطراف.
خاتمة
احتباس السوائل ليس دائمًا ناتجًا عن مشكلة صحية واضحة، بل قد يكون التوتر النفسي وحده كافيًا لخلخلة توازن السوائل في الجسم. من المهم أن تعي تأثير مشاعرك على جسدك، وأن تعالج الأسباب لا الأعراض فقط. فبمجرد أن تهدأ داخليًا، سيبدأ جسمك أيضًا في التوازن من جديد.
اهتم بصحتك النفسية كما تهتم بجسمك، فهما وجهان لعملة واحدة.
أسئلة شائعة
هل التوتر وحده يمكن أن يسبب احتباس السوائل؟
نعم، التوتر المزمن قد يؤدي إلى تغيّرات هرمونية (مثل ارتفاع الكورتيزول) تؤثّر على توازن الصوديوم والسوائل في الجسم، ما يسبّب احتباسًا ملحوظًا.
كيف أفرّق بين احتباس السوائل الناتج عن التوتر واحتباس بسبب سبب طبي؟
احتباس السوائل المرتبط بالتوتر غالبًا ما يكون مؤقتًا، ويظهر في أوقات الضغط النفسي ويختفي بعد الاسترخاء. أما الأسباب الطبية فتكون مستمرة وترافقها أعراض إضافية مثل ضيق تنفّس أو مشاكل في القلب أو الكلى.
هل شرب الماء يساعد في تقليل احتباس السوائل؟
نعم، رغم أنه يبدو عكس المنطق، إلا أن شرب كمية كافية من الماء يساعد الجسم على التخلّص من السوائل الزائدة بدلًا من الاحتفاظ بها.
هل الأدوية ضرورية لعلاج احتباس السوائل؟
في حالات بسيطة مرتبطة بالتوتر، لا تكون الأدوية ضرورية. لكن في حال استمرار الأعراض أو الاشتباه بوجود مشكلة صحية، يُنصح بمراجعة الطبيب.
مصادر
- Harvard Health Publishing – Stress and its impact on the body
- Mayo Clinic – Cortisol and water retention
- Cleveland Clinic – Causes of edema and fluid retention
- WebMD – Anxiety and physical symptoms
- Healthline – The link between stress, hormones, and water retention
رياضي، مدوّن وصانع محتوى رياضي، أدرس حاليًا لأصبح أخصائي تغذية معتمد، وممارس للتمارين الرياضية منذ أكثر من 6 سنوات. خضت تجارب متعددة في عالم الرياضة، من الكيك بوكسينغ إلى الجري، والدراجة الهوائية، والباورلفتينغ، وصولًا إلى التمرين بالمقاومة الذي التزمت به دون انقطاع.
أسستُ منصة FitspotX بعد أن لاحظت كمية المعلومات المغلوطة المنتشرة في مجال الرياضة والتغذية، خاصةً ضمن المحتوى الكتابي. من هنا انطلقت رؤيتي لبناء منصّة متكاملة، تجمع بين الأدوات والمحتوى العلمي البسيط، لتساعدك على فهم التغذية بشكل أفضل، وتحقيق أهدافك الجسدية بثقة ومعرفة.