هل سبق أن شعرت بأنك تأكل أقل مما اعتدت عليه، ومع ذلك لا ينقص وزنك؟ أو أنك تجوع بسرعة بعد ساعة من تناول الطعام؟
الحقيقة أن المسألة لا تتعلق بالسعرات وحدها، بل هناك “رسائل خفية” يرسلها جسمك عبر الهرمونات لتحدد مدى شعورك بالجوع أو الشبع، وكيفية تخزين الدهون أو حرقها.
ثلاثة هرمونات أساسية تلعب الدور الأكبر في هذه العملية: الأنسولين، اللبتين، والغريلين.
- الأنسولين يحدد كيف يستخدم جسمك السكر والدهون.
- اللبتين يخبر دماغك أنك شبعت.
- الغريلين يشعل إحساس الجوع في معدتك.
في هذا المقال، سنفصّل كيف تعمل هذه الهرمونات، كيف تؤثر على وزنك، وما هي الطرق العلمية البسيطة للسيطرة عليها لتحقيق هدفك، سواء كان فقدان الدهون أو الحفاظ على رشاقتك.

1. ما دور الهرمونات في التحكم بالوزن؟
الوزن ليس مجرد عملية حسابية بين السعرات الداخلة والخارجة كما يظن البعض. صحيح أن السعرات الحرارية هي الأساس، لكن الطريقة التي يتعامل بها جسمك مع هذه السعرات يحددها بدرجة كبيرة النظام الهرموني.
الهرمونات هي رسائل كيميائية ينتجها الجسم لتنظيم كل شيء: من الشهية، إلى تخزين الدهون، وحتى إحساسك بالشبع أو الجوع.
فعندما تعمل الهرمونات بتناغم، يصبح التحكم في الوزن أكثر سهولة. أما إذا اختل توازنها، فقد تجد نفسك تشعر بالجوع باستمرار أو لا تشبع بسهولة، مهما حاولت الالتزام بالحمية.
ولهذا سنركز على ثلاثة هرمونات رئيسية تشكل “المثلث الذهبي” في التحكم بالوزن:
- الأنسولين: المنظم الأساسي لسكر الدم وتخزين الدهون.
- اللبتين: هرمون الشبع الذي يخبر الدماغ متى تتوقف عن الأكل.
- الغريلين: هرمون الجوع الذي يدفعك للبحث عن الطعام.
2. هرمون الأنسولين: منظم السكر والدهون
الأنسولين يُفرَز من البنكرياس عندما ترتفع مستويات السكر في الدم بعد تناول الطعام، خصوصًا الكربوهيدرات. دوره الأساسي هو:
- نقل الغلوكوز من الدم إلى الخلايا لاستخدامه كطاقة.
- تخزين الفائض على شكل جليكوجين في الكبد والعضلات.
- إذا امتلأت المخازن → يتم تخزين الفائض كدهون.
مشكلة مقاومة الأنسولين
عندما تستهلك السكريات والأطعمة المصنعة بكثرة لفترات طويلة، تصبح خلايا الجسم أقل استجابة للأنسولين. النتيجة:
- يبقى السكر مرتفعًا في الدم.
- يضطر البنكرياس لإفراز المزيد من الأنسولين.
- هذا الارتفاع المزمن يجعل الجسم في وضع “تخزين دهون” دائم.
كيف تحافظ على توازن الأنسولين؟
- قلّل من السكريات البسيطة (المشروبات الغازية، الحلويات).
- اختر الكربوهيدرات المعقدة (الشوفان، البطاطا الحلوة، الأرز البني).
- مارس الرياضة بانتظام، فهي تزيد من حساسية العضلات للأنسولين.
- احرص على تناول البروتين والألياف مع كل وجبة لتبطئ امتصاص السكر.
لتعرف كم تحتاج من الكربوهيدرات والبروتين يوميًا بما يتناسب مع وزنك وهدفك، يمكنك استخدام حاسبة الماكروز من FitspotX.
3. هرمون اللبتين: هرمون الشبع
اللبتين هو هرمون يُفرَز من الخلايا الدهنية، وظيفته الأساسية إرسال رسالة إلى الدماغ تقول: “لقد شبعت، توقف عن الأكل.”
كلما زادت كمية الدهون المخزنة في الجسم، زاد إفراز اللبتين.
المشكلة: مقاومة اللبتين
عند بعض الأشخاص، خصوصًا من يعانون السمنة، يصبح الدماغ أقل استجابة لإشارة اللبتين. النتيجة:
- رغم وجود دهون كافية، الدماغ لا يتلقى إشارة الشبع.
- الشخص يستمر بالأكل وكأنه “دائم الجوع”.
- هذا يؤدي إلى حلقة مفرغة: المزيد من الأكل → المزيد من الدهون → المزيد من مقاومة اللبتين.
كيف تحسّن عمل اللبتين؟
- النوم الكافي: قلة النوم تقلل حساسية الجسم للببتين.
- تجنّب الأطعمة المصنعة: الغنية بالسكر والدهون الصناعية التي تضعف الإشارات الهرمونية.
- الحفاظ على وزن صحي تدريجيًا: فقدان الوزن يقلل مقاومة اللبتين مع الوقت.
- ممارسة النشاط البدني: الرياضة تساعد على استعادة التوازن الهرموني.
لمساعدتك على تنظيم وجباتك بشكل متوازن يراعي الشبع ويقلل الإفراط، يمكنك استخدام أداة تتبع السعرات في FitspotX.
هرمون الغريلين: هرمون الجوع
الغريلين يُفرَز من المعدة، وهو الهرمون المسؤول عن إرسال إشارة للدماغ تقول: “أنا جائع، أريد الطعام.”
مستوياته ترتفع قبل الوجبة وتنخفض بعدها، ليُنظّم توقيت الأكل وكميته.
متى يزداد الغريلين؟
- عند قلة النوم: النوم أقل من 6 ساعات يرفع الغريلين ويزيد الشهية.
- أثناء الحمية القاسية: الجسم يرفع الغريلين ليحفّزك على الأكل.
- مع التوتر المستمر: الإجهاد المزمن قد يرفع الغريلين ويزيد الرغبة في الأكل العاطفي.
كيف تتحكم بالغريلين؟
- نم 7–8 ساعات يوميًا للحفاظ على توازن هرمونات الجوع.
- تناول البروتين بانتظام، لأنه يقلل إفراز الغريلين ويزيد الشبع.
- قسم وجباتك إلى 3–5 وجبات متوازنة بدلًا من التجويع الطويل.
- أضف أطعمة غنية بالألياف (خضار، بقوليات) لإطالة الإحساس بالشبع.
5. التوازن بين الهرمونات الثلاثة
الأنسولين، اللبتين، والغريلين يعملون كشبكة مترابطة. أي خلل في واحد منهم ينعكس مباشرة على الآخرين:
- ارتفاع الأنسولين المزمن (بسبب الإفراط في السكريات) يزيد من مقاومة اللبتين، فيتوقف الدماغ عن استقبال إشارة الشبع.
- مقاومة اللبتين تجعل الشخص يأكل أكثر رغم وجود مخزون دهون كافٍ.
- زيادة الغريلين الناتجة عن قلة النوم أو الحميات القاسية تضاعف الشعور بالجوع وتدفع لتناول المزيد من الطعام.
كيف تحافظ على التوازن؟
- النوم الكافي (7–8 ساعات): أهم خطوة لإعادة ضبط جميع الهرمونات.
- وجبات متوازنة: تحتوي على بروتين، ألياف، ودهون صحية.
- النشاط البدني المنتظم: التمارين تحسّن حساسية الأنسولين وتوازن اللبتين.
- إدارة التوتر: التنفس العميق، المشي، أو التأمل يساعد على ضبط الشهية.
خاتمة
الوزن ليس معركة سعرات حرارية فقط، بل هو توازن معقّد بين هرمونات تتحكم في شهيتك، إحساسك بالشبع، وطريقة تخزين جسمك للطاقة.
الأنسولين، اللبتين، والغريلين يشكلون ثلاثية أساسية تحدد إن كنت ستخسر دهونًا أو ستكتسب وزنًا.
من خلال النوم الجيد، الغذاء المتوازن، والنشاط البدني المنتظم يمكنك مساعدة جسمك على استعادة التوازن الهرموني، وبالتالي تسهيل الوصول إلى وزنك المثالي.
أسئلة شائعة (FAQ)
1. هل زيادة الأنسولين دائمًا أمر سيئ؟
لا، الأنسولين ضروري لحياة الإنسان، لكن ارتفاعه المزمن بسبب كثرة السكريات هو المشكلة.
2. هل يمكن تحسين مقاومة اللبتين؟
نعم، عبر النوم الكافي، تخفيف الأطعمة المصنعة، وفقدان الوزن التدريجي.
3. لماذا أشعر بالجوع حتى بعد الأكل؟
قد يكون السبب ارتفاع الغريلين بسبب قلة النوم أو عدم تناول ما يكفي من البروتين والألياف.
4. هل يمكن أن يؤثر التوتر على هذه الهرمونات؟
نعم، التوتر المزمن يرفع الغريلين ويضعف استجابة اللبتين، مما يزيد الشهية.
مصادر
- Friedman JM. “Leptin and the regulation of body weight.” American Journal of Clinical Nutrition. 1999.
- Klok MD, Jakobsdottir S, Drent ML. “The role of leptin and ghrelin in the regulation of food intake and body weight.” Obesity Reviews. 2007.
- Shanik MH, Xu Y, Skrha J, Dankner R, Zick Y, Roth J. “Insulin resistance and hyperinsulinemia.” Diabetes Care. 2008.
رياضي، مدوّن وصانع محتوى رياضي، أدرس حاليًا لأصبح أخصائي تغذية معتمد، وممارس للتمارين الرياضية منذ أكثر من 6 سنوات. خضت تجارب متعددة في عالم الرياضة، من الكيك بوكسينغ إلى الجري، والدراجة الهوائية، والباورلفتينغ، وصولًا إلى التمرين بالمقاومة الذي التزمت به دون انقطاع.
أسستُ منصة FitspotX بعد أن لاحظت كمية المعلومات المغلوطة المنتشرة في مجال الرياضة والتغذية، خاصةً ضمن المحتوى الكتابي. من هنا انطلقت رؤيتي لبناء منصّة متكاملة، تجمع بين الأدوات والمحتوى العلمي البسيط، لتساعدك على فهم التغذية بشكل أفضل، وتحقيق أهدافك الجسدية بثقة ومعرفة.
جزء من شراكاتنا الإعلانية