تخطى إلى المحتوى

أضرار العمل بنظام المناوبات: كيف يؤثر على صحتك وجسمك؟

في عصر السرعة والاقتصاد العالمي، أصبحت المناوبات الليلية والعمل بنظام الورديات أمرًا لا مفر منه في الكثير من المهن. من المستشفيات والمصانع، إلى شركات النقل والطوارئ، يعتمد ملايين الموظفين حول العالم على هذا النمط لتأمين سير العمل على مدار 24 ساعة.

لكن، خلف هذه “الضرورة العملية” تختبئ حقيقة صادمة: العمل بنظام المناوبات قد يكون أحد أكبر عوامل الخطر الصامتة على الصحة الجسدية والنفسية. فقد وصفه بعض الباحثين بأنه “مسرطن محتمل” نظرًا لارتباطه بزيادة احتمال الإصابة بأمراض خطيرة.

في هذا المقال، سنأخذك في جولة شاملة لفهم:

  • لماذا يضر العمل بالمناوبات الساعة البيولوجية؟
  • كيف يرفع من خطر السمنة والسكري وأمراض القلب؟
  • ما تأثيره على الصحة النفسية والاجتماعية؟
  • والأهم… كيف يمكنك تقليل هذه الأضرار وحماية صحتك؟
عامل شاب يرتدي زي عمل أزرق يجلس مرهقًا أمام كوب قهوة في الثالثة صباحًا، ممسكًا رأسه بتعب أثناء نوبة ليلية.

أولًا: اضطراب الساعة البيولوجية (Circadian Rhythm Disruption)

جسم الإنسان مصمم طبيعيًا على دورة نوم-استيقاظ تتبع شروق الشمس وغروبها. هذه الدورة، التي تتحكم بها الساعة البيولوجية، تنظّم إفراز الهرمونات، درجة حرارة الجسم، الشهية، وحتى كفاءة التفكير.

عندما يعمل الشخص ليلًا وينام نهارًا:

  • يتعطل إفراز الميلاتونين (هرمون النوم).
  • يتأثر إفراز الكورتيزول، مما يزيد التوتر.
  • تنخفض جودة النوم حتى لو كانت مدته طويلة.

دراسة نُشرت في مجلة Sleep أظهرت أن العاملين بنظام المناوبات ينامون بمعدل أقل بساعة إلى ساعتين يوميًا مقارنة بغيرهم، مع زيادة نسبة الأرق بنسبة 40%.

ثانيًا: الأمراض المزمنة المرتبطة بالمناوبات

1. أمراض القلب والأوعية الدموية

  • ارتفاع ضغط الدم بشكل مزمن.
  • خلل في معدل ضربات القلب.
  • تضاعف خطر الإصابة بالجلطات القلبية.

2. السكري من النوع الثاني

  • اضطراب حساسية الخلايا للإنسولين.
  • ارتفاع معدل مقاومة الإنسولين بنسبة تصل إلى 50% لدى العاملين ليلاً.

3. السمنة وزيادة الوزن

  • زيادة إفراز هرمون الجوع (الغريلين) وانخفاض هرمون الشبع (اللبتين).
  • الميل لتناول وجبات عالية السعرات ليلًا.
  • انخفاض معدل الحرق الأساسي (BMR).

ثالثًا: التأثيرات النفسية والاجتماعية

  • الاكتئاب: زيادة معدل الإصابة بنسبة 33% مقارنة بموظفي الدوام النهاري.
  • القلق والتوتر: بسبب اضطراب النوم وتضارب الوقت مع الحياة الاجتماعية.
  • العزلة: العامل في المناوبات يجد صعوبة في التواجد مع العائلة والأصدقاء، ما يؤدي إلى ضعف الروابط الاجتماعية.

رابعًا: مشاكل الجهاز الهضمي والتغذية

أحد أكثر الجوانب إهمالًا هو تأثير المناوبات على الأمعاء والهضم:

  • تزايد اضطرابات مثل القولون العصبي والإمساك.
  • ارتفاع احتمالية الإصابة بارتجاع المريء.
  • عادات غذائية غير صحية: مثل الوجبات السريعة أثناء الليل.

خامسًا: قلة النشاط البدني والإرهاق المزمن

مع تغير ساعات النوم والاستيقاظ:

  • يفقد العامل حافزه للتمرين.
  • ترتفع معدلات الخمول والتعب المستمر.
  • تقل الكتلة العضلية مع الوقت إذا لم تتم موازنة النشاط البدني.

كيف تحمي نفسك إذا كنت مضطرًا للعمل بالمناوبات؟

رغم أن الخطر لا يمكن تجنبه بالكامل، إلا أن بعض الخطوات تقلل الأضرار:

  1. نوم منتظم: حتى لو كان بالنهار، اجعل له نفس الوقت يوميًا.
  2. غرفة مظلمة وهادئة: استخدم ستائر عازلة للضوء وسدادات أذن.
  3. تغذية ذكية: وجبات غنية بالبروتين والألياف، قليلة السكريات.
  4. كافيين بحذر: تناول القهوة في بداية المناوبة فقط، وتجنبها قبل النوم بـ6 ساعات.
  5. نشاط بدني: حتى 20 دقيقة من التمارين اليومية تحدث فرقًا.
  6. التعرض للشمس: عوّض نقص فيتامين D بتنظيم وقت للخروج نهارًا.
  7. دعم نفسي واجتماعي: شارك عائلتك بخطتك لتجد الدعم.

أسئلة شائعة (FAQ)

1. هل المناوبات الليلية تسبب السرطان فعلًا؟
بعض الدراسات ربطت بين المناوبات وزيادة خطر بعض السرطانات مثل سرطان الثدي والقولون بسبب اضطراب إفراز الميلاتونين. لكن العلاقة ما زالت قيد البحث.

2. هل يمكن لجسمي التكيف مع المناوبات؟
قد يتأقلم جسدك جزئيًا بعد أسابيع، لكن الساعة البيولوجية لا تتكيف بشكل كامل مع عكس الليل والنهار.

3. هل التغذية الصحية تعوّض الأضرار؟
التغذية تقلل من المخاطر، لكنها لا تلغي أثر اضطراب النوم. الجمع بين غذاء صحي، نوم منتظم، ونشاط بدني هو الحل الأفضل.

خاتمة

العمل بنظام المناوبات ليس مجرد تغيير في مواعيد النوم، بل هو تغيير جذري في إيقاع الحياة يؤثر على القلب، التمثيل الغذائي، النفسية، وحتى العلاقات الاجتماعية.

قد لا يكون بالإمكان دائمًا ترك هذا النمط من العمل، لكن الوعي بالمخاطر واتخاذ خطوات وقائية قد يصنع فارقًا كبيرًا بين الحفاظ على صحة متوازنة أو الانزلاق نحو أمراض مزمنة.

f
مقالات الكاتب

رياضي، مدوّن وصانع محتوى رياضي، أدرس حاليًا لأصبح أخصائي تغذية معتمد، وممارس للتمارين الرياضية منذ أكثر من 6 سنوات. خضت تجارب متعددة في عالم الرياضة، من الكيك بوكسينغ إلى الجري، والدراجة الهوائية، والباورلفتينغ، وصولًا إلى التمرين بالمقاومة الذي التزمت به دون انقطاع.

أسستُ منصة FitspotX بعد أن لاحظت كمية المعلومات المغلوطة المنتشرة في مجال الرياضة والتغذية، خاصةً ضمن المحتوى الكتابي. من هنا انطلقت رؤيتي لبناء منصّة متكاملة، تجمع بين الأدوات والمحتوى العلمي البسيط، لتساعدك على فهم التغذية بشكل أفضل، وتحقيق أهدافك الجسدية بثقة ومعرفة.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x