عندما يبدأ أي شخص رحلته في صالة التدريب، غالبًا ما يطرح سؤالًا جوهريًا: كم عدد التكرارات المثالي لبناء العضلات؟
قد تسمع من البعض أنّ ستة تكرارات كافية، بينما يؤكد آخرون أنّ اثني عشر تكرارًا هو الرقم الذهبي. وبين هذا وذاك، يبقى المتدرّب في حيرة من أمره.
الحقيقة أنّ المسألة لا تتعلق برقم واحد يصلح للجميع، بل بفهم علمي لآلية عمل الجسم. فعدد التكرارات ليس مجرّد تفصيل ثانوي، بل هو العامل الذي يحدد طبيعة التكيّف العضلي: هل تسعى لاكتساب القوة، أم لزيادة الحجم العضلي، أم لتعزيز التحمّل؟
هذا المقال يقدّم شرحًا مبسّطًا وعمليًا يوضح العلاقة بين عدد التكرارات والهدف التدريبي، بحيث تتمكن من اختيار النظام الأنسب لبناء العضلات بشكل فعّال ودون هدر للوقت أو الجهد.

العلاقة بين عدد التكرارات والهدف التدريبي
يظنّ كثير من المتدرّبين أنّ هناك “رقمًا سحريًا” يصلح للجميع، لكن الحقيقة أنّ عدد التكرارات يختلف بحسب الهدف:
- القوة العضلية (3–6 تكرارات):
التركيز هنا يكون على الأوزان الثقيلة مع تكرارات قليلة. هذا النمط يطوّر قدرة الجهاز العصبي على تجنيد الألياف العضلية، وبالتالي يرفع من مستوى القوة دون أن يكون الهدف الأساسي زيادة الحجم. - الحجم العضلي (Hypertrophy) (من 4 إلى 30 تكرارًا):
تشير الدراسات الحديثة إلى أنّ بناء العضلات يمكن أن يحدث ضمن نطاق واسع نسبيًا من التكرارات، يبدأ من 4 ويصل حتى 30 تكرارًا، طالما أنّك تصل إلى مرحلة قريبة جدًا من الفشل العضلي.
ومع ذلك، يبقى النطاق من 8 إلى 12 تكرارًا هو الأكثر كفاءة وواقعية لمعظم المتدرّبين، لأنه يجمع بين حمل مناسب وتوتّر عضلي كافٍ مع الحفاظ على جودة الأداء. - التحمّل العضلي (15 تكرارًا فأكثر):
يعتمد على أوزان خفيفة نسبيًا وتكرارات عالية، ما يساعد على تعزيز قدرة العضلة على الاستمرار لفترات أطول. ورغم أنّه يساهم قليلًا في التضخيم، إلا أنّه ليس الخيار الأمثل إذا كان هدفك الأساسي زيادة الكتلة العضلية.
هل يكفي عدد التكرارات وحده لبناء العضلات؟
عدد التكرارات عامل مهم، لكنه ليس الوحيد. لبناء العضلات بشكل فعلي، هناك عدة عناصر أساسية يجب الانتباه إليها:
- الاقتراب من الفشل العضلي:
أيًا كان عدد التكرارات (بين 4 و30)، لن يحدث نمو واضح إلا إذا وصلت في نهاية المجموعة إلى مرحلة صعوبة شديدة، أي أنّك تقترب من الفشل العضلي. - الوزن المستخدم:
الوزن يجب أن يكون مناسبًا. فإذا كان خفيفًا جدًا لدرجة تسمح لك بأداء 40 أو 50 تكرارًا، فإن النتيجة ستكون أقرب إلى تدريب التحمل وليس تضخيم العضلات. - الحجم التدريبي الكلّي:
مجموع المجموعات والتكرارات التي تؤديها أسبوعيًا هو ما يحدث الفارق. وبشكل عام، يتراوح الحجم الفعّال لبناء العضلات بين 10 و20 مجموعة لكل عضلة في الأسبوع. - التدرّج المستمر:
الجسم يتكيّف بسرعة. لذلك لا بد من زيادة الوزن أو عدد التكرارات تدريجيًا مع مرور الوقت، وإلا ستتوقف النتائج.
بناء العضلات ممكن أن يحدث ضمن نطاق واسع من التكرارات (من 4 حتى 30)، بشرط أن تصل قريبًا من الفشل العضلي. لكن أفضل نطاق لمعظم المتدرّبين يبقى بين 8 و12 تكرار، لأنه يوازن بين القوة، الحجم، وتقليل خطر الإصابة.
كيف تختار عدد التكرارات المناسب لهدفك؟
الهدف | نطاق التكرارات | ملاحظات عملية |
---|---|---|
زيادة القوة | 4 – 6 تكرارات | أوزان ثقيلة، تمارين مركّبة (سكوات، بنش برس، ديدلفت). |
بناء العضلات (التضخيم) | 8 – 12 تكرار | النطاق الذهبي لمعظم المتدرّبين، توازن بين الحجم والشدة. |
التحمّل العضلي | 15 – 30 تكرار | أوزان خفيفة، مفيد لتحسين اللياقة العامة والتحمّل، أو لبعض تمارين العزل مثل تمرين الرفرفة الجانبية. |
النطاق المرن | 4 – 30 تكرار | كل الأرقام فعّالة إذا وصلت قريبًا من الفشل العضلي. |
نصائح أساسية لتطبيق التكرارات بذكاء
- التلاعب بالنطاقات: لا تبقَ على نفس عدد التكرارات طوال العام. جرّب تغيير نطاق التكرارات كل 6–8 أسابيع (مثلاً: فترة قوة 4–6، ثم فترة تضخيم 8–12). هذا التنويع يحفّز الجسم ويمنع ثبات النتائج.
- الأوزان قبل الأرقام: إذا استطعت أداء 12 تكرارًا بسهولة، فهذا دليل أنّ الوزن خفيف ويجب زيادته. المفتاح ليس فقط العدد، بل مستوى التحدي.
- جودة الأداء أولاً: لا قيمة لعدد التكرارات إذا كان التنفيذ سيئًا أو بزاوية خاطئة. التركيز على الشكل الصحيح يحميك من الإصابات ويضمن نموًّا عضليًا فعليًا.
خاتمة
عدد التكرارات ليس مجرد رقم تحفظه وتلتزم به، بل هو أداة مرنة تحدد طبيعة النتائج التي ستحققها. يمكنك بناء العضلات ضمن نطاق واسع يتراوح بين 4 إلى 30 تكرارًا طالما تصل إلى الفشل العضلي أو قريبًا منه، لكن النطاق الأمثل لمعظم المتدرّبين يبقى بين 8 و12 تكرارًا.
التنوع، اختيار الأوزان المناسبة، والالتزام بالتنفيذ الصحيح، هي العناصر التي تجعل من برنامجك التدريبي وسيلة حقيقية لبناء القوة والحجم العضلي على المدى الطويل.
أسئلة شائعة
1. هل 6 تكرارات كافية لبناء العضلات؟
نعم، يمكن أن تُبنى العضلات بـ 6 تكرارات إذا كان الوزن مناسبًا وتصل إلى الفشل العضلي تقريبًا. هذا النطاق يميل أكثر إلى زيادة القوة، لكنه يساهم أيضًا في التضخيم.
2. هل من الأفضل القيام بـ 12 تكرار دائمًا؟
ليس بالضرورة. 12 تكرار يعدّ مناسبًا لمعظم المتدرّبين، لكن الأفضل هو التلاعب بالنطاقات (8–12 للتضخيم، 4–6 للقوة، 15–20 للتحمل) لتفادي الثبات وتحفيز العضلات بطرق مختلفة.
3. هل يمكن بناء العضلات بالتكرارات العالية (20–30)؟
نعم، طالما تصل العضلة إلى الفشل أو قريبًا منه. هذا النطاق يطوّر التحمل العضلي أكثر، لكنه يظل فعالًا لبناء الكتلة العضلية عند بعض الأشخاص.
4. ما الأهم: عدد التكرارات أم الوزن المستخدم؟
الوزن أهم. إذا أنهيت 12 تكرارًا بسهولة فهذا يعني أنّ الحمل خفيف ويجب زيادته. التكرار بلا وزن مناسب لن يعطي النتائج المرجوة.
5. هل يجب تغيير عدد التكرارات كل فترة؟
نعم، من المفيد تغيير النطاق التدريبي كل 6–8 أسابيع (مثلًا: فترة قوة، ثم تضخيم، ثم تحمل). هذا يساهم في كسر الروتين وتجنّب ثبات النتائج.
مصادر
Schoenfeld, B. J. (2010). The mechanisms of muscle hypertrophy and their application to resistance training. Journal of Strength and Conditioning Research.
Grgic, J., et al. (2018). Effects of resistance training performed to repetition failure or non-failure on muscular strength and hypertrophy: A systematic review and meta-analysis.
Helms, E., Aragon, A., & Fitschen, P. (2014). Evidence-based recommendations for natural bodybuilding contest preparation: nutrition and supplementation.
رياضي، مدوّن وصانع محتوى رياضي، أدرس حاليًا لأصبح أخصائي تغذية معتمد، وممارس للتمارين الرياضية منذ أكثر من 6 سنوات. خضت تجارب متعددة في عالم الرياضة، من الكيك بوكسينغ إلى الجري، والدراجة الهوائية، والباورلفتينغ، وصولًا إلى التمرين بالمقاومة الذي التزمت به دون انقطاع.
أسستُ منصة FitspotX بعد أن لاحظت كمية المعلومات المغلوطة المنتشرة في مجال الرياضة والتغذية، خاصةً ضمن المحتوى الكتابي. من هنا انطلقت رؤيتي لبناء منصّة متكاملة، تجمع بين الأدوات والمحتوى العلمي البسيط، لتساعدك على فهم التغذية بشكل أفضل، وتحقيق أهدافك الجسدية بثقة ومعرفة.