تخطى إلى المحتوى

كيف تحافظ على عضلاتك خلال المرض أو الانقطاع عن التمرين؟

هل سبق أن اضطُررت للتوقف عن التمرين بسبب المرض، السفر، أو ظروف خارجة عن إرادتك؟
ذلك الشعور بالخوف من فقدان ما بنيته خلال شهور… الشعور بأن كل عضلة ستتلاشى في أيام قليلة… أمر يمر به معظم الرياضيين.

لكن الحقيقة العلمية مختلفة. فقدان الكتلة العضلية لا يحدث بهذه السرعة، وهناك طرق ذكية لتقليل الخسائر، بل وحتى الحفاظ على عضلاتك بشكل مذهل خلال فترات الانقطاع.

في هذا المقال، نكشف لك كيف تتعامل مع فترات التوقف بذكاء، وكيف تمنع جسمك من الدخول في وضع “الهدم العضلي”، سواء كنت مريضًا، مسافرًا، أو تمرّ بظرف طارئ.

هل تفقد العضلات بسرعة فعلًا؟

الخبر الجيد: لا.
خلافًا لما يعتقده البعض، الكتلة العضلية لا تختفي خلال أيام، خصوصًا إذا كنت تمرّنت بانتظام قبل التوقف. الدراسات تشير إلى أن فقدان العضلات يبدأ عادة بعد 2-3 أسابيع من الانقطاع التام عن أي نشاط، وحتى ذلك يكون بشكل تدريجي، وليس فجائي.

السبب؟ الجسم يحتفظ بما يعتبره “ضروريًا”، وإذا كانت عضلاتك نشطة ومستخدمة مؤخرًا، فسيحاول الاحتفاظ بها قدر الإمكان، خاصة إن كنت تزوّده بالغذاء الكافي والنوم الجيد.

التغذية: السلاح السري للحفاظ على الكتلة العضلية

في فترات الانقطاع عن التمرين، يعتمد الجسم بشكل كبير على النظام الغذائي لتحديد ما إذا كان سيحافظ على العضلات أو يبدأ في تكسيرها كمصدر للطاقة. وهنا يكمن الفرق بين من يعود إلى الجيم بجسم متماسك، ومن يضطر للبدء من نقطة الصفر.

إليك ما يجب التركيز عليه:

  • زيادة أو الحفاظ على البروتين: البروتين هو خط الدفاع الأول عن عضلاتك. حاول أن تتناول كمية كافية منه يوميًا (من 1.6 إلى 2.2 غرام لكل كيلوغرام من وزنك)، حتى لو قلّت السعرات. مصادر مثل الدجاج، البيض، الأسماك، الزبادي اليوناني، والبقوليات ستكون مفيدة جدًا.
  • عدم خفض السعرات بشكل مفرط: قد تميل لتقليل الأكل بحجة أنك لا تتحرّك كثيرًا، لكن إن قلّلت السعرات كثيرًا، سيتجه الجسم لتكسير العضلات. الأفضل هو تقليل طفيف جدًا (إن احتجت ذلك)، مع الحفاظ على البروتين والدهون الصحية.
  • التركيز على المغذيات الدقيقة: لا تهمل الفيتامينات والمعادن، فهي تلعب دورًا محوريًا في الشفاء وتعزيز المناعة. اهتم بالخضروات الورقية، الفواكه، والمكملات عند الحاجة (مثل فيتامين D، الزنك، والمغنيسيوم).
  • السوائل: الجفاف يبطئ التعافي ويؤثر على الأداء الجسدي والعقلي. احرص على شرب كميات كافية من الماء، خصوصًا إن كنت تتناول أدوية أو تعاني من ارتفاع في الحرارة.

ذات صلة: فوائد الشوفان: كنز غذائي للقلب، العضلات، والهضم الصحي

ملاحظة: تقليل النشاط لا يعني قطع الكربوهيدرات تمامًا. الجسم لا يزال بحاجة لطاقة للتعافي، والمغذيات تلعب دورًا في منع الالتهابات ودعم المناعة.

الحركة اليومية: تمارين بسيطة، تأثير كبير

قد يظن البعض أن الانقطاع عن التمرين يعني بالضرورة خسارة فورية للكتلة العضلية، لكن الحقيقة أن الجسم لا يفقد العضلات بين ليلة وضحاها، بل يحتاج فقط إلى إشارات مستمرة تُخبره أن تلك العضلات ما زالت قيد الاستخدام.

حتى في فترات المرض أو التوقف المؤقت، يمكن الحفاظ على نسبة كبيرة من الكتلة العضلية من خلال الحركة اليومية البسيطة. وهذه بعض الأمثلة:

  • تمارين وزن الجسم (Bodyweight): مثل السكوات، الضغط، تمارين البلانك واللانجز. لا تتطلب أدوات، ويمكن أداؤها في المنزل خلال 10–15 دقيقة فقط. هذه التمارين تحفّز العضلات وتحافظ على نشاطها دون إجهاد زائد.
  • المقاومة الخفيفة: باستخدام رباط مطاطي (Resistance Band) أو أوزان خفيفة، يمكن أداء تمارين بسيطة للذراعين، الكتفين، أو الظهر. الهدف ليس بناء عضلات جديدة، بل المحافظة على ما تم بناؤه سابقًا.
  • المشي اليومي: لا يُستهان بتأثير المشي. فهو ينشّط الدورة الدموية، ويحسّن المزاج، ويمنع تيبّس الجسم. حتى المشي داخل المنزل أو حول السرير يمكن أن يكون مفيدًا في بعض الحالات.
  • التمدد واليوغا: حركات التمدد اليومية تساعد في الحفاظ على مرونة العضلات والمفاصل، وتقلل من فرص الإصابة بعد العودة إلى التمرين.

القاعدة الذهبية هنا: أي حركة أفضل من السكون التام. حتى إن كنت مريضًا وغير قادر على التمرين المعتاد، فإن الحفاظ على الحد الأدنى من النشاط الحركي قد يصنع فرقًا كبيرًا.

وإن لم تكن قادرًا على الحركة إطلاقًا؟ فلا تقلق. فقط حافظ على تغذيتك ونومك، وسيكون لجسمك قدرة مدهشة على استرجاع عافيته بعد الشفاء، بفضل “الذاكرة العضلية” التي تحتفظ بما بنيته سابقًا.

ذات صلة: الذاكرة العضلية: هل تتذكر عضلاتك التمرين؟ وكيف تستعيد قوتك بعد الانقطاع

النوم والاستشفاء: عامل الحسم في الحفاظ على الكتلة العضلية

قد يظن البعض أن النوم يصبح أقل أهمية عند التوقف عن التمرين، لكن الواقع أن النوم خلال فترات المرض أو الانقطاع هو الركيزة الأساسية للحفاظ على العضلات ومنع فقدانها.

لماذا يُعد النوم بالغ الأهمية في هذه المرحلة؟

  • إفراز هرمون النمو: أثناء النوم العميق، يفرز الجسم هرمون النمو الذي يلعب دورًا محوريًا في إصلاح الأنسجة العضلية وتعزيز الاستشفاء العضلي، حتى في حال عدم وجود تدريب فعلي.
  • منع الهدم العضلي: قلة النوم ترفع مستويات هرمون الكورتيزول، وهو هرمون يُحفّز تكسير البروتين العضلي ويزيد من الإجهاد، مما يُسرّع فقدان الكتلة العضلية.
  • دعم الجهاز المناعي: النوم الجيد يعزّز قدرة الجسم على مقاومة العدوى والتعافي من المرض، مما يسرّع العودة إلى النشاط البدني دون مضاعفات.

كيف تضمن جودة النوم؟

  • الالتزام بمواعيد نوم واستيقاظ ثابتة، حتى في أيام الراحة أو المرض.
  • تجنّب استخدام الهاتف أو الحاسوب قبل النوم بساعة على الأقل لتقليل التعرض للضوء الأزرق.
  • خفض درجة حرارة الغرفة وتوفير بيئة مظلمة وهادئة.
  • تجنّب الكافيين والمنبّهات في الفترة المسائية.
  • الاستعانة بالمغنيسيوم أو مشروبات الأعشاب مثل البابونج لتحفيز الاسترخاء.

باختصار، إن لم تكن قادرًا على تمرين عضلاتك، فلا تُفرّط في أحد أقوى أسلحتك لحمايتها: نوم عميق ومنتظم.

ذات صلة: الاستشفاء العضلي: كيف تعيد بناء عضلاتك بعد التمرين؟

خاتمة

الانقطاع عن التمرين أو التعرّض لوعكة صحية لا يعني نهاية رحلتك الرياضية، بل هو مجرد مرحلة مؤقتة تحتاج إلى التعامل معها بذكاء وهدوء. الحفاظ على العضلات لا يعتمد فقط على الحديد والمجهود، بل على التغذية السليمة، الراحة الكافية، واتخاذ قرارات ذكية تُبقي جسدك قويًا ومستعدًا للعودة بأفضل حال.

تذكّر: القوة الحقيقية لا تظهر فقط في وقت النشاط، بل أيضًا في كيفية حفاظك على إنجازاتك في أصعب الظروف. كن مرنًا، وامنح جسدك ما يحتاجه، وستعود أقوى مما كنت.

أسئلة شائعة

1. هل أفقد الكتلة العضلية بسرعة عند التوقف عن التمرين؟

ليس بالضرورة. خسارة الكتلة العضلية تبدأ عادة بعد 2-3 أسابيع من التوقف الكامل، خاصة إذا لم تهتم بالتغذية والبروتين. لكن مع الحفاظ على نظام غذائي جيّد، يمكن تقليل هذا الأثر بشكل كبير.

2. هل يجب تقليل السعرات أثناء المرض أو الانقطاع؟

في حالات المرض، يُفضّل الحفاظ على كمية السعرات (أو تقليلها بشكل طفيف فقط) لأن الجسم يحتاج طاقة للتعافي. أما في حالات الانقطاع الطويل مع قلة الحركة، يمكن تقليل الكربوهيدرات أو الدهون قليلاً لتفادي زيادة الدهون.

3. هل يمكن تمرين العضلات دون الذهاب للجيم؟

نعم. يمكنك استخدام تمارين وزن الجسم مثل البلانك، السكوات، أو حتى تمارين الشد الخفيفة للحفاظ على التحفيز العضلي، خصوصًا في فترات الراحة أو الحجر الصحي.

4. هل تناول البروتين لوحده كافٍ للحفاظ على العضلات؟

البروتين ضروري وأساسي، لكنه ليس العامل الوحيد. الحفاظ على الكتلة العضلية يتطلّب أيضًا كفاية السعرات، جودة النوم، وعدم الدخول في عجز غذائي شديد.

جزء من شراكاتنا الإعلانية

5. ما أول شيء يجب فعله عند العودة للتمرين بعد الانقطاع؟

ابدأ تدريجيًا. لا تحاول تعويض ما فاتك بسرعة. ركّز على التكنيك الصحيح، وابدأ بأوزان أقل من المعتاد لتجنّب الإصابات. جسمك سيتذكر، بفضل “الذاكرة العضلية”، وستعود لقوتك بسرعة.

مصادر

Schoenfeld, B. J. (2010). “The mechanisms of muscle hypertrophy and their application to resistance training.” Journal of Strength and Conditioning Research.

Tipton, K. D. (2015). “Nutritional support for exercise-induced injuries.” Sports Medicine.

Phillips, S. M., & Van Loon, L. J. C. (2011). “Dietary protein for athletes: From requirements to optimum adaptation.” Journal of Sports Sciences.

Helms, E. R., Aragon, A. A., & Fitschen, P. J. (2014). “Evidence-based recommendations for natural bodybuilding contest preparation: nutrition and supplementation.” Journal of the International Society of Sports Nutrition.

Harvard Health Publishing – “What happens when you stop exercising?”
https://www.health.harvard.edu

f
مقالات الكاتب

رياضي، مدوّن وصانع محتوى رياضي، أدرس حاليًا لأصبح أخصائي تغذية معتمد، وممارس للتمارين الرياضية منذ أكثر من 6 سنوات. خضت تجارب متعددة في عالم الرياضة، من الكيك بوكسينغ إلى الجري، والدراجة الهوائية، والباورلفتينغ، وصولًا إلى التمرين بالمقاومة الذي التزمت به دون انقطاع.

أسستُ منصة FitspotX بعد أن لاحظت كمية المعلومات المغلوطة المنتشرة في مجال الرياضة والتغذية، خاصةً ضمن المحتوى الكتابي. من هنا انطلقت رؤيتي لبناء منصّة متكاملة، تجمع بين الأدوات والمحتوى العلمي البسيط، لتساعدك على فهم التغذية بشكل أفضل، وتحقيق أهدافك الجسدية بثقة ومعرفة.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x