تخطى إلى المحتوى

حين يتحوّل الجيم إلى عبء: كيف تعيد شغفك قبل أن تترك كل شيء؟

في البداية، كان الجيم هو ملاذك. تذهب إليه بحماسة، تشعر بأنك تستعيد السيطرة على نفسك مع كل تمرين، ومع كل دمعة تختلط بالعرق على وجهك. كنت تعود إلى البيت مرهقًا، نعم، لكنك فخور. هناك هدف، وهناك نار تشتعل داخلك، تدفعك للمزيد. لكن شيئًا ما تغيّر. لم تعُد تنهض بنفس الاندفاع. لم تعُد تتشوّق لحمل الأوزان كما كنت. تبدأ العدّات بجسدك، لكن عقلك في مكان آخر. أصبح التمرين عادة ثقيلة، لا لذة فيها. وكل مرة تحاول أن تُقنع نفسك: “سيمرّ هذا الشعور”، لكنه لا يمر. بل يزداد.
وهنا، تبدأ المعركة الحقيقية: هل تكمل رغم الفتور؟ أم تستسلم وتترك كل شيء بنيته؟
هذا المقال كُتب لك، إن كنت قد وصلت إلى هذه المرحلة. ليس ليقول لك “شدّ حالك” فقط، بل ليذكّرك كيف تعيد الحماس الذي فقدته، قبل أن تفقد نفسك.

الشعور بالفتور أمر شائع بين المتدرّبين

من الطبيعي أن يمرّ الرياضي بفترات يشعر فيها بالركود أو الملل.
التمرين المنتظم، رغم فوائده، قد يتحوّل إلى عبء نفسي إذا افتقد التنويع أو المعنى الشخصي.
هذا لا يدل على ضعف في الالتزام، بل يعكس الحاجة لإعادة التقييم الذاتي، أو كسر الرتابة اليومية بطريقة مدروسة.

الحافز يتذبذب… لكن الهدف هو ما يحافظ على الاستمرارية

الاعتماد على الحماس وحده لمتابعة التدريب لا يكفي.
النتائج القوية تأتي من الالتزام المستمر، وليس من الشعور اللحظي.
من المهم أن يعود المتدرّب إلى السبب الرئيسي الذي دفعه لبدء التمرين: هل كان هدفًا صحيًا؟ شكليًا؟ نفسيًا؟
الوضوح في هذا الهدف يساعد على تجاوز الفترات التي تقلّ فيها الرغبة.

التراجع المؤقت لا يعني التوقّف

أخذ يوم راحة إضافي أو تعديل الجدول التدريبي لا يُعدّ فشلًا.
بل على العكس، الاستجابة الذكية للإرهاق البدني أو النفسي هي علامة وعي، وتساهم في استعادة الحافز على المدى الطويل.
ما يُنصح به في هذه الحالة هو كسر النمط: تغيير نوع التمرين، أو مدّته، أو مكانه، بما يتيح إعادة التفاعل مع الروتين من زاوية جديدة.

الروتين الممل قد يكون سببًا رئيسيًا لفقدان الحافز

أحد أكثر الأسباب شيوعًا لفقدان الحماس في الجيم هو التكرار المفرط.
عندما يمارس المتدرّب نفس التمارين بنفس الترتيب، وضمن نفس الجدول لأشهر متتالية، يفقد التمرين عنصر التحدي، ويتحوّل إلى نشاط آلي لا يثير الذهن ولا يُحفّز العضلات كما ينبغي.

كسر هذا الروتين يمكن أن يكون بسيطًا وفعّالًا، مثل:

  • تغيير توزيع التمارين الأسبوعية (Upper/Lower بدل Push Pull Legs، أو العكس)
  • إدخال تمارين جديدة أو متغيّرات (Drop Sets، Tempo Training…)
  • أو حتى تغيير مكان التمرين، من صالة مغلقة إلى الهواء الطلق مثلًا

التنويع المدروس لا يساعد فقط في استعادة الشغف، بل يُحفّز الجهاز العصبي والعضلي بطرق جديدة تؤدي إلى تطوّر فعلي.

تتبّع التقدّم بذكاء: مصدر ثابت للتحفيز

في كثير من الحالات، لا يكون السبب الحقيقي لفقدان الحافز هو التمرين نفسه، بل غياب الشعور بالتقدّم.
عندما لا يرى المتدرّب نتائج ملموسة، أو لا يُدرك حجم التحسّن الذي حقّقه، يبدأ بالإحباط.
لذلك، تتبّع التقدّم ليس رفاهية… بل أداة ضرورية للاستمرارية.

ينصح بأن يشمل التتبّع الجوانب التالية:

  • أداء التمرين: تسجيل الأوزان، العدّات، وأنواع التمارين أسبوعيًا
  • المقاييس الجسدية: مثل محيط الخصر، الوزن، ونسبة الدهون
  • المظهر العام: من خلال صور دورية تُلتقط بنفس الإضاءة والوضعية

رؤية التحسّن بالأرقام أو بالصور، حتى لو كان بسيطًا، يعيد تذكيرك بأن جهدك ليس بلا مقابل، ويمنحك دفعة ذهنية لمواصلة الطريق بثقة.

التمرين ليس مهمة مؤقتة… بل أسلوب حياة طويل الأمد

النظر إلى التمرين كوسيلة لتحقيق “هدف قصير الأمد” فقط، كخسارة وزن معين أو بناء شكل جسدي معيّن، يؤدي غالبًا إلى فقدان الحافز بمجرد تأخّر النتائج أو الوصول إليها.
أما حين يُنظر إلى التمرين على أنه عادة مستدامة، وأسلوب حياة داعم للصحة الجسدية والنفسية، يصبح الالتزام به طبيعيًا وغير مرهق ذهنيًا.

الرياضي الذي يدرك أن الجيم جزء من روتينه العام، تمامًا كالنوم أو الأكل، لن يعتمد على “الشعور بالحماسة” ليستمر.
بل يستمر لأنه يعلم أن التمرين هو استثمار طويل الأمد في جسده وعقله ونفسيته، وليس فقط في عضلاته.

خاتمة

فقدان الحافز في مرحلة ما من الرحلة التدريبية لا يعني أنك على الطريق الخطأ، بل هو مؤشر طبيعي يتطلّب مراجعة لا تراجع.
من خلال كسر الروتين، تتبّع التقدّم، وتذكير النفس بالهدف الأساسي، يمكنك استعادة التوازن والاستمرار بثبات.

التقدّم الحقيقي لا يعتمد على الحماسة اللحظية، بل على الانضباط، والوعي، والقدرة على التكيّف مع التقلبات النفسية والجسدية.

وإذا شعرت بأن الجيم بات عبئًا… تذكّر أنه كان في يومٍ ما ملاذك.
وقد يكون كذلك مجددًا، حين تعيد التواصل مع السبب الحقيقي الذي دفعك للبداية.

أسئبة شائعة

هل من الطبيعي أن أفقد الحماس للذهاب إلى الجيم؟

نعم، من الطبيعي تمامًا أن يمرّ المتدرّب بفترات فتور نفسي أو جسدي. المهم هو التعامل معها بوعي وعدم اتخاذ قرارات دائمة بناءً على شعور مؤقت.


كيف أستعيد شغفي بالتمرين بعد فترة انقطاع؟

ابدأ بالتدريج، وركّز على تمارين تحبها، وغيّر روتينك المعتاد. كما أن تتبّع التقدّم البسيط يساهم في تعزيز الدافع تدريجيًا.


هل أحتاج إلى تغيير برنامج التمرين إذا شعرت بالملل؟

ليس بالضرورة تغييره بالكامل، لكن إدخال بعض التعديلات مثل نوع التمارين، عدد التكرارات، أو طريقة الأداء (Supersets، Tempo…) قد يكون كافيًا لإنعاش الحافز.


متى يكون التراجع عن التمرين مؤشّرًا سلبيًا؟

إذا ترافق مع تدهور في الحالة النفسية، أو فقدان كامل للرغبة دون وجود سبب واضح، يُنصح بمراجعة نمط الحياة والنوم والتغذية، وربما استشارة مدرّب مختص أو أخصائي نفسي عند الحاجة.

المصادر

  1. American Council on Exercise (ACE).
    “Overtraining and Motivation: When Your Workout Becomes a Chore.”
    acefitness.org
  2. Psychology Today.
    “When You Lose Motivation to Work Out: Mental Fatigue and Burnout.”
    psychologytoday.com
  3. National Academy of Sports Medicine (NASM).
    “How to Stay Motivated and Overcome Plateaus in Training.”
    nasm.org
  4. Harvard Health Publishing.
    “The Exercise Effect on Mental Health.”
    health.harvard.edu
  5. Journal of Sports Sciences.
    “Effects of training monotony, strain, and stress on athlete performance and motivation.”
    https://www.tandfonline.com
f
مقالات الكاتب

رياضي، مدوّن وصانع محتوى رياضي، أدرس حاليًا لأصبح أخصائي تغذية معتمد، وممارس للتمارين الرياضية منذ أكثر من 6 سنوات. خضت تجارب متعددة في عالم الرياضة، من الكيك بوكسينغ إلى الجري، والدراجة الهوائية، والباورلفتينغ، وصولًا إلى التمرين بالمقاومة الذي التزمت به دون انقطاع.

أسستُ منصة FitspotX بعد أن لاحظت كمية المعلومات المغلوطة المنتشرة في مجال الرياضة والتغذية، خاصةً ضمن المحتوى الكتابي. من هنا انطلقت رؤيتي لبناء منصّة متكاملة، تجمع بين الأدوات والمحتوى العلمي البسيط، لتساعدك على فهم التغذية بشكل أفضل، وتحقيق أهدافك الجسدية بثقة ومعرفة.

جزء من شراكاتنا الإعلانية

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x